logo on medium devices
موقع صدى الولاية الاخباري
الأربعاء 26 نوفمبر 2025
01:59:05 GMT

الغرب؛ مريض يرفض العلاج؟

الغرب؛ مريض يرفض العلاج؟
2025-11-18 04:58:52

الثلاثاء 18 تشرين الثاني 2025

هناك قول شائع في طب النفس بأننا «نذهب للعلاج لكي نتمكن من التعامل مع الأشخاص في حياتنا الذين لا يخضعون للعلاج». يفهم ذلك كل من أخضع نفسه لجلسات مع أطباء ومعالجين نفسيين. أنا أشعر بهذا الأمر إزاء الغرب. جلّهم هناك لا يعلم، أو لا يعترف، بأن مسار حياتنا ومصائرنا وصدماتنا هي في جزء كبير منها نتاج خياراتهم ونمط حياتهم. كما في النهاية تصب جميع جلسات العلاج النفسي عند ذاك الشخص الذي لا ننفك نتحدث عنه، وهو غافل عن دوره ومسؤوليته، في الأغلب لا يشعر الرجل الأبيض بمسؤوليته وكأنه مجرد متفرج على مآسينا من بعد لا مشارك فاعل فيها.

صحيح أن الكثير من مصائبنا هي أيضاً نتيجة خياراتنا نحن، وصحيح أيضاً أن هذا الغرب انتفض من أجل فلسطين وأن مظاهرات ضخمة ملأت شوارع مدنه تنديداً بالصهيونية، لكني لا أبالغ في القول إن الفظائع التي شهدنا عليها خلال عامين من الإبادة الجماعية في غزة والحرب على لبنان وانحلال القانون الدولي وانكشاف وهم العدالة الدولية، كل ذلك أعاد تشكيل هويتي ونظرتي لنفسي وللعالم.

انتقلت للعيش في برشلونة قبل ثلاثة أشهر فقط من أحداث السابع من أكتوبر. هي ثلاثة أشهر وقعت فيها في حب هذه المدينة، خاصة وأنني كنت أنتقل إليها بعد بضع سنوات أمضيتها في دبي. ودبي ليست مدينة بل مطار كبير: خليط متنوع من البشر من جميع الجنسيات وهم عابرون مؤقتون. الكل في حالة انتظار وقد وضع جدولاً زمنياً للعودة إلى وطنه وكأنه بذلك يهوّن على نفسه عبر التذكر بأن هذه المدينة مجرد محطة. كنت أترك مدينة يمر فيها العمر وتنسى أن تعيش، إلى مدينة تذكرك على الدوام بأن تحتفل بالحياة.

من شباك سيارة الأجرة التي أقلتني وعائلتي من المطار، حدّق ابني في الأبنية والأزقة وقال بدهشة وتهكم: هل دخلنا آلة زمن؟ هو اعتاد أبنية دبي الزجاجية اللامعة والشاهقة، وأدهشته الأبنية القديمة وواجهاتها على الطراز القوطي أو الباروك. القارة العجوز جميلة وساحرة وتبعث على الخيال والإبداع.

برشلونة بالتحديد مدينة كتالونية جميلة بين البحر والجبل، موقعها على المتوسط يجعل مناخها دافئاً، وناسها متخففون من الهموم، يقضون معظم أوقاتهم خارج المنزل يحبون الأكل والشرب وأطفالهم يلعبون في الساحات العامة معظم أشهر السنة، متعلقون بالعائلة، ولكبار السن عندهم مكانة خاصة. مدينة متحررة وعصرية من دون أن تتخلى عن التقاليد والتراث، ولها طقوسها الخاصة فلم تجتحها الطقوس الأميركية كما اجتاحت مدننا في العالم العربي. أحببتها على الفور.

ثم جاء السابع من أكتوبر... مشاهد أطفال يصرخون من تحت الأنقاض، وعمليات بتر من دون تخدير، وأم تبحث عن أبنائها تحت الركام، وطفل استشهد كل من يعرفه في هذه الدنيا يرتجف من هول الصدمة. تتدفق الفيديوهات على هاتفي. مضيت في روتيني اليومي لكنّ هناك شيئاً ما تغير. لقد تحوّلت إلى كتلة غضب والشتائم تختنق في حلقي. أراقب الناس. هل شاهدوا ما شاهدت؟ هل يطن صوت الأم التي صرخت بأن أبناءها ماتوا جوعى في آذانهم كما يطن في أذني؟ أسترق النظر إلى هواتفهم، لكنهم يشاهدون فيديوهات أخرى، يعيشون في عالم موازٍ. أتماسك كي لا أضرب أحدهم.

في الماضي، كنت أجادل أصدقائي الغربيين حول أفكارهم النمطية عنا نحن العرب. كنت أعتقد بأن إظهار أفكاري التقدمية والعلمانية يفضح جهلهم وعنصريتهم وبأنني المثال الساطع على أن تنميطهم بحقنا مجحف. لكني اليوم أخجل من ذلك: لمَ نضع أنفسنا في قفص الاتهام أصلاً؟


لقد اعتادوا أن يمضوا في حياتهم وكأن مآسينا مجرد ضجيج خلفي. أحدّق بالأخص بالشباب والشابات. كان ذلك قبل أن تشتعل الجامعات هنا وتنتفض ضد الإبادة. تساءلت أي تاريخ يدرس الأوروبيون؟ ماذا سيدرس أبنائي هنا؟

تختلف المناهج بين دولة وأخرى، لكن بشكل عام، يتعلّم الأطفال الأوروبيون في المدارس عن الحضارات مع تركيز على الحضارتين اليونانية والرومانية والثورة الصناعية وما نتج منها من ابتكارات غيَّرت وجه العالم. صحيح أنهم يتعلّمون أيضاً عن الحربين العالميتين، والمحرقة اليهودية مركزية في مناهجهم، ولكن يتم التقليل من شأن العنف والدموية لصالح قصص عن العنفوان وتحدّي النازية والانتصار على الفاشية وسيادة الديموقراطية. التاريخ الاستعماري يتم تدريسه في الغالب من منظور أوروبي والتركيز على إنهائه وبناء دول جديدة. ثم تأتي السرديات المنتشرة في الثقافة المهيمنة عن همجية الآخرين وتخلفهم لتغذي شعورهم بالعظمة والحضارة والتفوّق.

سألت صديقاً بلجيكياً عن المنهج الدراسي الرسمي في بلجيكا، فأخبرني بأنهم (على الأقل في القسم الناطق بالفرنسية)، يدرسون التاريخ الاستعماري لبلجيكا عرضاً ومن دون أي إشارة إلى حكم الملك ليوبولد الثاني الدموي ومجازره بحق الكونغو، حين كانت مستعمرة بلجيكية، والتي يقدّر أنه قضى فيها نحو عشرة ملايين كونغولي ما بين عامي 1885 و1908 بحيث انخفض عدد السكان خلال حكمه إلى نحو النصف. أمّا في القسم الفلمنكي من بلجيكا (Flemish)، فقد تقدّمت وزارة التربية في عام 2020 بمشروع قانون لجعل التاريخ الاستعماري للبلاد جزءاً من المناهج الدراسية في المدارس الثانوية ولكن المشروع لا يزال محط جدل، رغم أنه يعطي المدرسين حرية غض النظر عن الجزء المتعلق بتاريخ بلجيكا في الكونغو.

في إسبانيا، ترتفع تماثيل كريستوفر كولومبوس الذي يقدّر المؤرخون أنه، كأحد وجوه الاستعمار الإسباني، مسؤول عن مقتل نحو مليون شخص من السكان الأصليين في أميركا والجزر الكاريبية، ونادراً ما يعرف الإسبان شيئاً عن طرد المورسكيين وعمليات التنصير القسري للمسلمين.

في عام 2021، اعترفت ألمانيا بالإبادة الجماعية التي ارتكبتها على الأراضي الناميبية بين عامي 1904 و1908 لكن المناهج الدراسية تتجاهلها تماماً على عكس المحرقة اليهودية التي تحتل جزءاً مركزياً وتأسيسياً في المناهج وتنظم زيارات مدرسية لكل الطلاب إلى المواقع التذكارية للمحرقة أو أحد معسكرات الاعتقال النازية.

صحيح أن جذور العنصرية الغربية تجاهنا هي في جزء منها بسبب جهل الغرب بتاريخ بلادنا وبلاد الجنوب عموماً، ولكن الأهم هو في جهله بتاريخه هو، أو بالأحرى تجاهله. هكذا تستمر هذه الدول بارتكاب المجازر أو بدعم مرتكبيها باسم شعوبها. تقرير المقررة الأممية فرانشيسكا ألبانيزي يقول حرفياً إن الإبادة الجماعية في غزة هي «جريمة جماعية» ويسمي الدول والشركات المتواطئة.

في الماضي، كنت أجادل أصدقائي الغربيين حول أفكارهم النمطية عنا نحن العرب. كنت أعتقد بأن إظهار أفكاري التقدمية والعلمانية يفضح جهلهم وعنصريتهم وبأنني المثال الساطع على أن تنميطهم بحقنا مجحف. لكني اليوم أخجل من ذلك: لمَ نضع أنفسنا في قفص الاتهام أصلاً؟ ومن نصّبهم قضاة علينا؟ لمَ علينا إجراء مرافعات دفاع متواصلة لنفي تهمهم الجاهزة لنا؟ ما جدوى هذا السعي المستميت لتلميع صورتنا؟ هم مَن عليه الخجل كلَّما حاضر حكامهم زيفاً عن قيم العدالة وحقوق الإنسان. هم مَن عليه الاعتذار من شعوب الجنوب عن تاريخ من البطش والإجرام والمجازر، وأنهم مقابل الحفاظ على بعض امتيازات كانوا ولا يزالون لا يترددون في قتلنا تماماً كما قتلوا ملايين البشر في حروبهم الاستعمارية.

صرت أكره لباسي لأنه غربي، وطريقة كلامي المطعمة بالكثير من العبارات الإنكليزية، ومدرسة أولادي، وحتى أثاث بيتي الذي اشتريت معظمه من «أيكيا»! كيف سمحت لهم باستعماري فكرياً؟ لا أثور لكن أشعر بالغضب يزحف في عروقي ويستقر على شكل ألم في المعدة. هو إنذار يرسله العقل بأن هناك أمراً ملحّاً ينبغي إصلاحه.

يطلب أولادي في السيارة الاستماع إلى قائمة من الأغاني لفرق موسيقية غربية لا طاقة لي على سماعها. أتوسّل إليهم: ليس لدي ذرّة احتمال واحدة لفرقة «Imagine dragons»! أشعر بشوق لقبيلتي وأنا لم أنتمِ يوماً إلى قبيلة، بحاجة إلى الالتصاق بجماعتي وثقافتي والتقاليد التي كنت أسخر من بعضها، وموسيقانا ورقصنا وطعامنا، برغبة في التحلّق حول صوبيا مع أولادي وأحكي لهم عن فيروز. أشتاق فجأة لرائحة البرغل تفرشه جدتي على أكياس الخيش في العلّية.

تماماً كما إن جلسات الطب النفسي لا ترمي إلى تصحيح الظلم الذي لحق بالمريض بل إلى مجرد مساعدته على تحمّل شقائه، هكذا هو الغرب يريدنا أن نشفى من ظلمه بدل أن يتغيّر- إبادة تلو الأخرى. من هنا يأتي فوز زهران ممداني كظاهرة تستحق القراءة: هل بدأت بوادر التغيير في الغرب أم هي مجرد لحظة استثنائية؟

كاتبة لبنانية

ان ما ينشر من اخبار ومقالات لا تعبر عن راي الموقع انما عن رأي كاتبها
صدر كتاب تحت عنوان: قراءة في الحركة المهدوية نحو بيت المقدس للشيخ الدكتور علي جابر
المساعدون القضائيون في صيدا يكرّمون القاضي إيلي أبو مراد قبل انتقاله إلى البقاع
المقداد يجول في جرد جبيل ولاسا
مؤتمر دولي لنصرة غزة من بيروت الى اليمن وفلسطين والعالم
بتاريخ ٢٠٢٤٠٤٠١ نظمت السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي شعبة بشارة الخوري محمد الحوت المتحف في منطقة بيروت
في أجواء شهر رمضان المبارك وبمناسبة يوم الأرض ،
واشنطن تصنف انصار الله جماعة إرهابية وتدخل حيز التنفيذ من يومنا هذا وصنفت قيادات الصفوف الاولى من حركة انصار الله بلائحة الارهاب
النائب برو يتفقد احوال النازحين في علمات والبدان المجاورة
قتيل وجرحى بين العرب في البقاع الاوسط في منطقة قب اللياس
بعد طلب سماحة القائد الولي الاعلى السيد علي الخامنئي حفظ الله
بسم الله الرحمن الرحيم
كتب حسن علي طه يا أمة المليار منافق، غزة تُباااااد ، فماذا أنتم فاعلون؟ عامان، لا بل دهران، لكثافة ما حصل في غزة من أحداث.
مباشر من حفل اطلاق الحملة الرسمية لاحياء اليوم القدس العالمي التي يطلقها ملف شبكات التواصل في حزب الله
الوزير السابق للداخلية مروان شربل
ممثل الامين العام لحزب الله الشيخ الدكتور علي جابر يزور مطبخ مائدة الامام زين العابدين ع في برج البراجنة
قيادة الحملة الدولية لكسر حصار مطار صنعاء الدولي
الحاج حسن من بريتال: أزمة انتخاب رئيس الجمهورية سياسية وليست دستورية
تحت عنوان (على طريق القدس موحدون لمواجهة الفتن ومؤامرات التفريق بين أمتنا )
صنعاء بمواجهة العدوان المتجدّد: لا وقف لعمليّاتنا
الصوت الذي لم يستكن يوماً
استنزاف الموارد الاقتصادية اليمنية لعبة العمالة والنهب على حساب معاناة الشعب وكرامة الوطن
تـهـويـل إسـرائـيـلـي وفـق إيـقـاع مـضـبـوط أمـيـركـيـاً: الـتـصـعـيـد وارد... والـحـرب مـسـتـبـعـدة
شركاء إسرائيل في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وتبريرها: مقاضاة الإعلاميين المحرّضين
الاخبار _ علي حيدر : حرب الأيام الـ 66: المقاومة منعت تكرار سيناريو 1982
الدولة تأخّرت في إعادة الإعمار وردّها على الاعتداءات ناعم وغير مقبول قاسم: لا بحث في أيّ ملف قبل التحرير
رسائل المصيلح الأربع
محمد نور الدين : الوجه الثاني لـ«الانتصار»: تركيا تخشى «الفدرالية الكردية»
مـصـدر سـيـاسـي بـارز لـصـحـيـفـة الـجـمـهـوريـة
مازن النجار : هل حان الوقت لإيران النووية؟
كتب مفيد سرحال :صلاة صهيون و جبل حرمون المخطوف.
اكتشف القناع: ترامب، الجولاني، وسحر الولاء الجديد.
ما تداعيات قرار «المركزي السوري» على المصارف اللبنانية؟
ابراهيم _ الامين : مخاطبة الشرع للشعب السوري... مؤجّلة
تحفّظ مصري على الانفتاح العربي القاهرة - دمشق: الطريق غير سالكة سوريا الأخبار الأربعاء 2 تموز 2025 ترى مصر أنّ النظام
تباين سعودي - مصري حيال المطالب الإسرائيلية مقترح جديد بيد «حماس»: قوات عربية وسلاح «مجمّد!» فلسطين الأخبار الأربعاء 1
القوات» تشنّ حملة «تطهير» في وزارة الطاقة
أغبياء اليمين اللبناني في آخر مغامراتهم
اليمين الأميركي الإسرائيلي: جنون «التوحّش»
الاخبار : تنافس في المطار على الانصياع للأوامر الأميركية
منطقة سياحية عازلة في جنوب لبنان..!
سنة
شهر
أسبوع
يوم
س
د
ث